من قائل ” اذا غامرت في شرف مروم ” وماذا تعني

من قائل ” اذا غامرت في شرف مروم ” وماذا تعني

قائل ” اذا غامرت في شرف مروم “هو المتنبي. تتمة بيت الشعر هي: إذا غامرت في شرف مروم … فلا تقنع بما دون النجوم. يشبه المتنبي الغابات البعيدة بأنها النجوم والذي يجمع بينهما هو السمو والرفعة، والغايات تشبه اللالئ التي يجب أن يسعى الشخص جاهدًا من أجلها. لكن عندما يسعى الشخص من اجل الوصول الى هدفه، فلا يجب أن يقبل بأقل من اعلى الدرجات والوصول الى الشرف الاعظم، ولا يجب أن يقتنع الشخص بالشيء اليسير بل يجب أن تكون أحلامه معانقة للسماء وطموحه كبير للغاية.

يبين بعد ذلك المتنبي بقوله أن طعم الموت في الأمر الهين يشبه طعمه في الامر الاعظم “فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ … كطعم الموت في أمرٍ عظيم”

أما البلاغة في هذا البيت فهي: استعمل المتنبي في قوله اذا غامرت في شرف مروم استعارة تصريحية. حذف المتنبي المستعار له (وهو الغابات البعيدة) وصرّح بلفظ المستعار منه وهو النجوم.

الاستعارة في هذا البيت الشعري تصريحية، وبما أن لفظ المستعار منه جامد فالاستعارة أصلية. والشاعر لم يأت فيها بما يلائم أي من المستعار منه أو المستعار له فأصبحت الاستعارة مطلقة.

قصيدة اذا غامرت في شرف مروم

إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ … فلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ … كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ

سَتَبكي شَجوَها فَرَسي وَمُهري … صَفائِحُ دَمعُها ماءُ الجُسومِ

قَرَبنَ النارَ ثُمَّ نَشَأنَ فيها … كَما نَشَأَ العَذارى في النَعيمِ

وَفارَقنَ الصَياقِلَ مُخلَصاتٍ … وَأَيديها كَثيراتُ الكُلومِ

يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ … وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ

وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني … وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ

وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً … وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ

وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ … عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ

شرح قصيدة اذا غامرت في شرف مروم

إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ … فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

الشرح هو: اذا طلبت شرفًا وخاطرت بنفسك من أجله أو طلبت غاية رفيعة في سبيل الحصول على هذا الشرف، فلا تنظر إلا نحو القمة، ولا تقنع باليسير أو ما دون ذلك.

  • المغامرة: تعني الدخول في المهالك
  • الغمرات: تعني الشدائد
  • في شرف: اي في طلب شرف
  • مروم: تعني مطلوب

البلاغة:

  • الاستعارة التصريحية، حيث شبه الامجاد بالنجوم
  • الاسلوب النشائي: (فلا تقنع)، اسلوب نهي، غرضه النصح والتوجيه

فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ … كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ

الشرح: طعم الموت في النوعين لا يختلف، لذلك يجب أن يختار الشخص أشرف الأمور واحسنها، ومن الفخر أن يموت في سبيل تحقيق هدف عظيم بدلًا من الموت نتيجة لأهداف لا تستحق ذلك. علاقة البيت الثاني مع البيت الأول هي علاقة تعليل.

البلاغة:

  • الاستعارة مكنية، شبه الموت بطعام أو شراب

سَتَبكي شَجوَها فَرَسي وَمُهري … صَفائِحُ دَمعُها ماءُ الجُسومِ

الشرح: سوف تبكي على فرسي ومهري سيوف دمعها هو الدماء. المقصود به أن الشاعر يريد أن يقتل من قتل فرسه ومهره، فتكون دموع سيوفه هي دماء أعدائه.

  • الشجو: هو الحزن
  • الصفائح: جمع صفيحة وتعني السيف العريض
  • ماء الجسوم: هنا استعمل الشاعر كناية عن الدم

البلاغة:

  • الاستعارة المكنية: شبح الصفائح بأناس يبكون

قَرَبنَ النارَ ثُمَّ نَشَأنَ فيها … كَما نَشَأَ العَذارى في النَعيمِ

الشرح: السيوف التي يملكها الشاعر جعلت النار غذاء لها واكتسبت من النار الجوهر والصفاء. وشبه السيوف الصافية بالعذراوات اللواتي نشأن في النعيم

  • قرين: من القرى، وهو ما يتم تقديمه الى الضيف
  • العذارى: جمع عذراء، وهي المرأة البكر

البلاغة:

  • قرين النار: استعارة مكنية، شبه السيوف بأنه إنسان يتغذى
  • الاستعارة التصريحية: شبه إحماء السيوف بالنار بالطعام (القرى)
  • يوجد في هذا البيت تشبيه تمثيل، حيث شبه نشأة السيوف في النار بنشأة العذارى في النعيم.
  • وَفارَقنَ الصَياقِلَ مُخلَصاتٍ … وَأَيديها كَثيراتُ الكُلومِ

الشرح: الصياقل لم تستطع أن تحفظ أيديها من هذه السيوف لشدتها وحدتها، لذلك تجد في أيدي الصياقل الكثير من الجروح الناجمة عن صناعة هذه السيوف.

  • الصياقل: جمع صيقل، وهو الذي يصنع السيوف
  • مخلصات: خالصة من الخبث
  • الكلوم: تعني الجراح
  • فارقن: غادرن

البلاغة:

  • الاستعارة المكنية: شبه السيوف بإنسان يفارق، وفيها تشخيص
  • كثيرة الكلوم: كناية عن حدة السيوف

يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ … وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ

الشرح: يعتقد الجبان أن الهروب من المعركة والبعد عنها هو الرأي والعقل، لكن يخدعه في ذلك لؤم طبعه عما في الشجاعة من عز وفخر. لكنه بسبب جبنه لا يستطيع تذوق هذا الفخر الذي يشعر به الشخص الشجاع.

وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني … وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ

الشرح: الشجاعة محمودة لصاحبها، تغنيه وتنفعه، ومعها يقترن الفخر. وتكون الشجاعة مفيدة بشكل كبير لمن كان حكيمًا وعاقلًا مدبرًا. لأن الشخص يستعمل الشجاعة حينها في المكان المناسب

وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً … وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ

الشرح: كم من شخص يعيب قول حسن لأنه لا يدرك الحكمه منه، لكن العيب فيه ومن سوء قدرته على الفهم، فالمشكلة تكمن في فهمه وليس في القول.

  • الافة: هي العاهة.
  • السقيم: المريض الضعيف

البلاغة:

  • الاستعارة المكنية: شبه الفهم بإنسان مريض سقيم

وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ … عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ

القرائح: جمع قريحة، وهي الملكة والطبيعة التي جبل عليها الانسان
الشرح: في هذا البيت يقول المتنبي حكمة باقية الى يومنا هذا، وهي أن كل شخص يسمع ويفهم على قدر طبعه وقدر علمه. واذا سمع الجاهل أمرًا صعبًا فإنه لن يفهم الحكمة منه. واذا عاب الإنسان قولًا صحيحًا فذلك بسبب قدرته المحدودة على فهم ما وراء هذا القول.

الأمر نفسه ينطبق في حياتنا الواقعية على قراءتنا للكتب، وفهمنا للحياة، فكل شخص يفهم بحسب قدرته ودرجة علمه.

 

أفضل ما قاله المتنبي

إن المتنبي هو شاعر يتفوه بالحكمة، ومن أفضل ما قاله المتنبي:

  • “ذو العقلِ يشقى في النعيمِ بعقلهِ، وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ ينعمُ”
  • “على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وتـأتـي على قدر الكريم الكرائم، وتكبر في عين الصغير صغارها، وتصغر في عين العظيم العظائم”
  • “وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ، فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ”
  • من حكم المتنبي “أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ، وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتـــــابُ”
  • “إذا أنت أكرمت الكريم ملكته، وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا”.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *