التوريق هي زخارف تميز بها الفن ما هو ؟
يوجد منه أشكال مختلفة يتم استخدامها في الفن الإسلامي بشكل خاص على جدار وأسقف المساجد وقد استخدم الفنانين في العصر الإسلامي عدة أنواع مختلفة من الزخارف واتجه إلى الرسم المصور للطبيعة والنباتات ونجد ذلك في عدة نقوش على جدران وأسقف المساجد القديمة كما يفضل الكثير من المصممين والفنانين هذا الذوق الفني في العصور الحديثة ومن المعروف أن الفن الإسلامي من أرقى الفنون ويظهر لنا هذا في الخط العربي الذي يكتب به القرآن الكريم أعلى جدران المساجد وعلى المنبر وسقف المسجد وأحيانًا على الواجهات الخارجية للمساجد والمتاحف الإسلامية.
أظهرت الزخرفة الاسلامية مدى التطور الحضاري الفني للمسلمين و تتميز بعدة خصائص تركت أثر كبير في ازدهار الفن الإسلامي وكانت تلك الزخرفة تبهر العين سواء من ناحية التصميم أو الخط أو الشكل النهائي وأسلوب الرسم الإحترافي وقد أعتمد الفنانين المسلمين على الخطوط العربية المبهرة في الزخرفة وتم تقسيم الزخارف الإسلامية إلى مجموعات،
وأبدعوا الفنانين المسلمين في تطور الزخرفة وصنعوا نماذج جديدة مثل المضلعات النجمية والتوريق الزخرفي وزخرفة التوشح العربي والذي سمى فن الأرابيسك وانتشر فن الأرابيسك في عدة حضارات مختلفة ونال من الحظ الوفير من الإعجاب والاهتمام من قِبل فنانين من ثقافات مختلفة،
وقد بدأ استخدام هذا النوع من الزخرفة للمرة الأولى في العصر الفاطمي وتم إستخدامه في مسجد الأزهر في القرن العاشر الميلادي، واجتهد كثيرًا الفنانين المسلمين في حرفة النحت البارز والغائر على جميع الأسطح مثل الأخشاب والجدران والرخام واستخدموا الألوان بطريقة راقية وملائمة،
واعتمد الفن الإسلامي على نوعين فقط من الزخارف والتي شملت العنصر النباتي و الأشكال الهندسية وتم استخدام كل نوع منفرد في بعض الأحيان ومرات أخرى تم بها دمج الزخرفة النباتية والزخرفة الهندسية معًا.
الزخرفة النباتية: الزخرفة النباتية أحد أشكال الفن الإسلامي أطلق عليها أيضًا فن التوريق وتعتمد على الزخرفة المأخوذة من أشكال أوراق النباتات والأشجار والزهور المختلفة، وقد تم استخدام هذه الزخرفة بعدة أساليب مختلفة وأبرزها الأسلوب الفردي و الأسلوب المزدوج وأسلوب التقابل وأسلوب التعانق وكثيرًا تم استخدام الأسلوب الفردي من التوريق مكون من عدة مجموعات من العناصر النباتية المتداخلة والمتصلة والمتماثلة ويتم تكريرها بجانب بعضها بشكل منظم ومتتالي.
الزخرفة الهندسية: أبدع الفنان المسلم في خياله واستطاع أن يبتكر أشكال مختلفة وغير تقليدية تختلف عن الطبيعة وهي الزخرفة الهندسية التي بعدت عن الأشكال الحقيقية وعناصر الطبيعة، وتم تطبيقها في تزين قباب المساجد والجدران وعلى مجلدات الكتب وفي إطار الصفحات وعلى المزاهر والتحف الفنية المصنوعة من الخزف و النحاس والزجاج،
فهو النوع الأحدث من الزخرفة الإسلامية وقد أبدع المسلمين في الرسم بالخطوط الهندسية ورسم عدة صور فنية في غاية الجمال، وتم إبتكار أشكال نجمية وأشكال مضلعة وأشكال دائرية متداخلة وتم استخدام تلك الصور الفنية في تزيين الجدران والمباني والتحف الفنية المصنوعة من الخشب والنحاس، وتم استخدام الأشكال الهندسية أيضًا في تزيين الأبواب والأسقف وهذا الإنتشار يدل على أنه كان من صور التقدم الحضاري الهندسي العملي.
وقد تم ابتكار أشكال أخرى متنوعة من الزخرفة الإسلامية على يد الفنانين المسلمين مثل الأشكال الدائرية والأشكال السداسية والأشكال الثمانية والأشكال الخماسية والمعشر بجانب المربع والمثلث،
وتم تداخل تلك الأشكال أيضًا مع بعضها حتى امتلأ الفن الإسلامي بعدد كبير جدًا لا يمكن حصره من الأشكال الزخرفية الهندسية التي تلفت الأنظار وتجعل المشاهد يشرد في تفاصيلها وطريقة تداخلها معًا،
وكان هدف الفنانين المسلمين في هذا الوقت هو إبتكار أشكال مختلفة ومتميزة يتم صنعها من تشابك الأشكال الهندسية الزخرفية والتقاطع بينهم وازدواج الرسومات الهندسية وغيرها من الأساليب المختلفة التي تساعد على ابتكار أشكال مختلفة من الفنون الإسلامية.
أنواع أشكال الزخرفة الهندسية في الفن الإسلامي
الأشكال الدائرية: تستخدم بعدة أساليب مختلفة منها المتماسة والمتداخلة والمتجاورة والجدائل والخطوط الغير مستقيمة والمتشابكة.
الأشكال النجمية : يعد أهم أشكال الزخرفة الهندسية الإسلامية ويوجد منها أشكال مختلفة متعددة الأضلاع والتي تنتج في النهاية أشكال تعرف باسم الأطباق النجمية وتم استخدام هذه الطريقة من الأشكال الزخرفية الهندسية في التحف المصنوعة من الخشب والنحاس والذهب والمعادن وصفحات الكتب والمصاحف المذهبة وفي زخرفة الأسقف.
وقد قال عن الأشكال الزخرفية الهندسية في الفن الإسلامي الناقد الفرنسي هنري فوسيون (H. Faucillon) قول دقيق وقوي في التعبير عن هذا الفن وهو : “ما أخال شيئًا يمكنه أن يجرِّد الحياة من ثوبها الظاهر، وينقلنا إلى مضمونها الدفين مثل التشكيلات الهندسية للزخارف الإسلامية؛ فليست هذه التشكيلات سوى ثمرة لتفكير قائم على الحساب الدقيق، قد يتحول إلى نوع من الرسوم البيانية لأفكار فلسفية ومعانٍ رُوحية ؛ غير أنه ينبغي ألاَّ يفوتنا أنه خلال هذا الإطار التجريدي تنطلق حياةٌ متدفِّقة عَبْرَ الخطوط، فتؤلّف بينها تكوينات تتكاثر وتتزايد، متفرِّقة مَرَّة ومجتمعة مَرَّات، وكأن هناك رُوحًا هائمة هي التي تمزج تلك التكوينات وتُبَاعِدُ بينها، ثم تُجَمِّعُهَا من جديد، فكلُّ تكوين منها يَصْلُح لأكثرَ من تأويل، يتوقَّفُ على ما يُصَوِّبُ عليه المَرْءُ نظرَه ويتأَمَّلُه منها، وجميعها تُخْفِي وتكشف في آنٍ واحد عن سِرِّ ما تَتَضَمَّنُه من إمكانات وطاقات بلا حدود”.
أبرز العمليات الفنية في الزخرفة الإسلامية
واستخدمت هذه الطرق في الزخرفة الإسلامية من بعض الخامات وهي : الأخشاب و المعادن المختلفة والألواح الرخامية و الخزف والجص والفسيفساء، ويقول روجيه جارودي عن جمال وروعة فن الزخرفة الإسلامية : “إنَّ فنَّ الزخرفة العربي يتطلَّع إلى أن يكون إعرابًا نمطيًّا عن مفهوم زخرفي، يَجْمَعُ بآنٍ واحد بين التجريد والوزن، وإن معنى الطبيعة الموسيقي، ومعنى الهندسة العقلي، يُؤَلِّفَان دومًا العناصر المقوّمَة في هذا الفن”.
أسباب نهي الإسلام عن زخرفة المساجد والمصاحف
الإسراف والتبذير : يندرج القيام بزخرفة المساجد والمصاحف تحت التبذير وذلك لأن تلك الزخارف الإسلامية تحتاج إلى تكلفة أعلى ومنها ما يكون مبالغ في تكلفته، وقد نهى الدين عن الإسراف كما جاء في قوله تعالى: ” ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين” سورة الأعراف الآية 29، وقوله تعالى:”ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” سورة الإسراء الآية 26،27.
التشبه باليهود والمسيحيين : يعد المبالغة في زخرفة المساجد تشبه بالمعابد اليهودية والكنائس وهذا غير أمر محبب.
اللهو عن ذكر الله والشرود في الزخرفة : كثرة الزخرفة في المساجد أو على صفحات المصاحف تشتت تركيز الإنسان فتجعله يلهى عن العبادة وذكر الله بخشوع وقلب صادق وعيناه تنشغل دائمًا بتلك الأشكال وقد جاء في هذا الأمر حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنها عندما صلّى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكساء مخطّط، فأبدله بكساء آخر قائلاً: “إنها ألهتني آنفا عن صلاتي” وفي رواية أخرى: “كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني”
مواضيع ذات صلة