اللوحات المتداخلة في خطوطها وألوانها وأشكالها تسمى فنون تجريدية
نعم اللوحات المتداخلة في خطوطها وألوانها وأشكالها تسمى فنون تجريدية ، حيث أنها فنون غير موضوعية لا تهدف إلى تمثيل الواقع اليومي الخارجي، حيثُ يستخدم الفن التجريدي الأشكال، النماذج، الألوان والأنسجة المختلفة بدلًا من الأشكال الطبيعية المألوفة، وهو يهدف إلى إثارة المشاعر التي يمكن أن يفسرها كل فرد بشكل مختلف حسب شخصيته، رؤيته ومنظوره الخاص.
لا يزال الفن التجريدي أسلوبًا جديدًا نسبيًا، لكنه فنٌ راسخ من أشكال الفن الحديث المعاصر، إن التجريد في العمل الفني هو الخروج عن الواقع، أو هو محاولة لتوثيق مشهد أو موضوع بشكل مختلف عن الفن المعتاد.
حيثُ يستخدم الفنانون التجريديون لغة مرئية من الأشكال والتراكيب والألوان والخطوط والعلامات الإيمائية لخلق تركيبة تختلف عن الواقع، كما أنهم لا يتعاملون مع التفسير التمثيلي لموضوع الفن الذي يقدمونه.
يعني التجريد حرفيًا إبعاد الفكرة عن المراجع الموضوعية أو الواقعية المألوفة، وفي الفنون المرئية فإنه يعني تصوير الفكرة أو الموضوع بعيدًا عن أي مرجعية تمثيلية حرفية، بطريقةٍ أخرى، هو ابتكار فن غير تمثيلي بالأشكال والخطوط والألوان لخلق لوحات متداخلة بعناصر مختلفة ونتيجة بعيدة عن الواقع.
عناصر الفن التجريدي
يُمكن أن يُطلق على ما يُسمى فنون تجريدية أيضًا “الفن الحديث”، فهو نوعٌ من الفن لا يصور الحياة الواقعية، لذلك فإن الغرض الرئيسي من وجوده هو تفسير المشاهد بنفسه للمعنى خلف هذا الفن، إن الفن التجريدي ليس فنًا تمثيليًا.
فهو يمكن أن يكون مبنيًا على موضوع معين أو لا يكون مبنيًا على شيء، كما أنه يعتمد على عناصر لا تُشكّل قيودًا على الفنانين، بل تُميزهم عن الأنواع الأخرى من الفن، بالإضافة إلى ذلك فإن الفن التجريدي يعتمد على مبادئ أساسية لتكوينه، منها على سبيل المثال:
- التوازن.
- الإبراز.
- التناغم.
- النمط.
- الوحدة.
- التنوع.
- التباين.
- الحركة.
- المفاجأة.
- الصوت الفردي.
أهمية فنون تجريدية
الهروب من الواقع: ازدهرت فنون تجريدية خلال عصرين ذهبيين، تميزا بأحداثٍ مرعبة في التاريخ البشري، مثل: الكساد الكبير، الحرب العالمية الأولى والثانية، وفي ضوء هذه المعاناة الإنسانية والألم، وجد الفنانون صعوبة في تصوير العالم بواقعية بالصورة التي كان عليها، لذا لجأ العديد منهم إلى التجريد الفني؛ لأنه كان طريقةً للابتعاد عن الواقع البائس.
نقل المشاعر: عند ظهور الفن التجريدي، بدأ الفنانون يعتمدون عليه في نقل مشاعرهم، معتقداتهم، مبادئهم وذاكرتهم بطريقةٍ ما، وحينها اعتُبر الفن التجريدي وسيلة لهضم الواقع بما فيه من آلام ومعاناة، والتعامل مع المشاعر السلبية لكل فرد، دون الحاجة إلى التفاعل مع مصدر الأذى حولهم بشكلٍ مباشر.
تحويل منظور التفكير: بعيدًا عن كون الفن التجريدي مهربًا من الواقع، فقد أصبح مثار اهتمام المجتمع العلمي، حيثُ ظهرت العديد من الأوراق البحثية للبحث في تأثير عرض الفنون التجريدية، وكيف تؤثر على العقل وعملية التفكير، وقد تبيّن أنّ الفن التجريدي يستطيع أن يفصل المشاهد نفسيًا عن تفاصيل الحياة اليومية، وبدلًا من ذلك ركّز على الصورة الكبيرة، المشاعر والمبادئ المتعلقة بوجوده بعيدًا عن التفاصيل.
البحث عن المعنى: يُحرِّر الفن التجريدي العقل من هيمنة الواقع، ويُمكِّن الفرد من اكتشاف الأماكن الداخلية غير المكتشفة في عقله، ما يعني التوغل في التفكير في الحالات المعرفية والعاطفية ككُل؛ فالفن التجريدي لا يمتلك مفاهيم مألوفة، بالتالي يجعل العقل يبحث عن المعنى خلف ما يراه.
فردية المعاني الشخصية: بما أنه لا توجد موضوعات مألوفة يمكن التعرف عليها في الفن التجريدي، فإن معناه يصبح غير موضوعي، أي شخصي وذاتي، يعني ذلك أن معنى الفن التجريدي يتغير من فردٍ لآخر.
فالبشر يختلفون في رؤيتهم للأشياء، يعمل هذا الفن على مخاطبة المشاعر لكل فرد حسب ما يتحرك بداخله، فلا يوجد موضوع واحد متفق عليه لعمل تجريدي معين، لهذا فإنه يتصل بالأجزاء العميقة في الكيان الداخلي لكلٍ منا، ويجعلنا نفكر في الأمور غير الملموسة أو المعتادة.
خصائص الفن التجريدي
- معارضة النموذج الفني لعصر النهضة.
- هو فن غير تمثيلي؛ لا يُمثِّل الواقع.
- معارضة عناصر الفن التصويري.
- الفن التجريدي فن غير موضوعي، أي ذاتي وشخصي.
- غياب الموضوعات أو العناصر المألوفة التي يُمكن التعرف عليها.
- تقييم الأشكال والخطوط، والاهتمام بالألوان والقوام.
- يحتوي عناصر مُرتبطة بالمشاعر، كطريقة للتحرُّر من التمثيل الواقعي.
- معارضة مفهوم الفن الواقعي.
- حرية الفن، أي عدم وجود قواعد محددة للالتزام بها، سواء للفنان أو المشاهد.
- الفن التجريدي فن إدراكي أو مفاهيمي وتصوري.
- هو فن ذو تكوينات مستقلة، أي لا يلتزم بأساسٍ معين أو معانٍ محددة.
- تطوير حس الإبداع، وتنشيط المُخيلة.
أنواع فنون تجريدية
التكعيبية Cubism: هي أحد الأنواع المبكرة من الفنون التجريدية، يتم فيها التركيز على الشكل دون تحديد المنظور، يمثل الفن التكعيبي مادته باستخدام أشكال هندسية للدلالة على الفكرة العامة للمشهد، ازدهرت التكعيبية على يد بابلو بيكاسو في بدايات القرن العشرين، اشتهرت بأعمال فنانين مثل: جورج براك وفاسيلي كاندينسكي.
التعبيرية التجريدية Abstract Expressionism: ظهرت هذه الحركة في الأربعينات كنوع فني عاطفي بحت، مع ذلك يعتبر الفن التعبيري نوعًا من فنون تجريدية، غالبًا ما يتم نقل الاستخدام الإيمائي للون والملمس في هذا الفن من خلال تقنيات الرسم غير التقليدية مثل الرش والتقطير.
كما أنه يعرض حركة ديناميكية في الشكل، ويستخدم ألوان متعددة، وتُعد القطع الفنية هنا كبيرة في الحجم، يعرض الفنان من خلالها عالمه الداخلي بحرية، لم تتطور التعبيرية التجريدية على يد فنانٍ واحد، بل مجموعة من الفنانين الشباب أمثال: جاكسون بولوك، لي كراسنر وروبرت مذرويل.
السريالية Surrealism: ظهرت وازدهرت في آخر عقدين من القرن العشرين، في ذلك الوقت ارتفع صيت دراسات عالم النفس سيجموند فرويد، والذي أكد أن العقل الباطني هو الجانب الأكثر صدقًا في نفسية المرء.
وقد بدأت السريالية كتقنية كتابة حرة استخدمها الكُتّاب لغبر أسوار عقلهم الباطني، ومن هنا دخلت إلى الفنانين بالتخلي عن الوعي والاستسلام للعقل الباطني، تعرض السريالية الفن بلا موضوع معين، وغالبًا ما يتم استخدام أجسام غريبة غير واقعية كما لو كانت من حلم، من أشهر الفنانين: جورجيو دي شيريكو.
الحَدنوية Minimalism: لا يعتمد نظام الحد الأدنى “الحدنوية” على أي مراجع خارجية، ينتج فيها الفنانون أعمالًا تظهر فقط كشكل هندسي وحيد، وربما أعمالًا بلونٍ واحد، ورغم أنه يمكن رؤيته في اللوحات الفنية إلّا أنه أكثر شيوعًا في المنحوتات الحديثة، من الفنانين: كازيمير ماليفيتش وإيف كلاين.
مواضيع ذات صلة